من جديد تعود مواضيع العلاقات الجنسية الرضائية إلى واجهة النقاش في المغرب, بعد قضية "محجبة تطوان" التي نُشر مؤخراً فيديو جنسي لها تسبب في توقيفها ومعاقبتها بالسجن, بعد ذلك مباشرة ظهرت إحدى الحركات الخارجة عن القانون تطالب بالإسقاط و الإلغاء الكلي للفصل 490, الذي يعاقب على ممارسة العلاقات الجنسية الرضائية خارج الزواج بالحبس من شهر حتى سنة .
لم تكن هناء "محجبة تطوان" التي تعتبر أم لطفلين تعتقد أن تجد نفسها في السجن بسبب حياتها الجنسية التي شاهدها ملايين المغاربة، فهذه المرأة كانت ضحية مزدوجة حسب حركة "خارجة عن القانون" المغربية.
هذه الحركة التي فسرت رأيها في بيان توصلت به جريدة فرانس24، أن هناء تعرضت للإستغلال الجنسي لأغراض بورنوغرافية من طرف صاحب فيديو,و الذي صورها بدون علمها، وقرر نشره دون موافقتها. واليوم تجد نفسها بين القضبان بينما مرتكب الجريمة حراً .
و قد أطلقت هذه الحركة الأسبوع الماضي حملة ضد قانون 490 الذي يجرّم العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، عبر اعتصام رقمي تحت عنوان "STOP 490"، لدعم هذه المرأة التي أُفرج عنها في وقت لاحق، و كان الهدف من هذا الإعتصام هو المطالبة بالإلغاء و الإسقاط التام لهذا القانون .
تضارب الآراء
و في بعض الآراء على منصات التواصل الإجتماعي هناك من كان متحفظا في موقفه تجاه مطالب حركة "خارجة عن القانون". حيث غرد أحد الرواد موجّهًا كلامه إلى أولئك الذين يريدون ذلك... هل فكروا مسبقاً في إنشاء أو إحداث مراكز لرعاية الأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم, لأن المسألة مركبة و عكس ما يعتقده الجميع .
فيما تساءل آخر إن كان مطلب إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي واقعيا فعلاً كما أكد أنه مع إلغاء هذا القانون على شرط أن مرور ذلك عبر تربية جنسية من سن مبكرة، في حين صعُب على البعض اتخاذ موقف محدد من هذا النقاش .
حيث أن مستوى النقاش لا يشجعه فعلياً على الإنخراط فيه، فبقدر ما ينوي شخص ما أن يدلي بدلوه في هذه المسألة بشكل صريح ومفصل بقدر ما لن تكون له طاقة كافية في الخوض في جدالات إلكترونية عقيمة لا تغني ولا تسمن من جوع. لأن مجتمعنا لا يتقن النقاش من دون شخصنة المواضيع .
هل الحريات الفردية "رفاهية" ؟
و نشرت الدكتورة في علم الاجتماع سناء العاجي مقالاً بشأن الحريات الفردية في المغرب، سبق أن نُشر على جريدة "الأحداث المغربية"، و الذي أوضحت فيه أن كل من يعتبر الحريات الفردية ترفاً أمام القضايا المهمة كالتعليم و الصحة و البطالة, مختلف عمن يعتبر أن البناء الديمقراطي لا يتأتى قبل الخبز والماء .
وأضافت أنه من المفترض أن توجه الدولة فرقها التشريعية والقانونية لما يحمي أمن المواطنين ، لا لما يحرس أجهزتهم التناسلية و غرف نومهم, يفترض من الدولة معاقبة المتحرشين و المغتصبين و اللصوص، أو من اختاروا عيش حريتاهم الشخصية بالشكل الذي يناسبهم .
بينما أشارت إلى أن نقاش الحريات الفردية يفترض أن نكون قد تجاوزناه اليوم, و ربما قد يستنزف منا طاقات نحتاج توجيهها لقضايا أخرى !
و في هذا الوضع المتشابك ألقت حركة "خارجة عن القانون" الكرة في اتجاه المشرع, بقولها أنه بدل معاقبة الضحايا مثل هناء من المفروض أن يحميها القانون المغربي، معتبرة أن هذا الظلم مسموح به فقط لأن المادة 490 موجودة في قانون العقوبات. و بأن هذا القانون نفسه يمنع ضحايا الإغتصاب و الإبتزاز من تقديم شكاوي خوفا من الإعتقال والإدانة .
وفي خضم كل هذا, لا يزال مشروع مراجعة القوانين الجنائية المغربية حبيس البرلمان منذ سنوات .
دور القوانين حماية المواطنين
عرف موضوع إلغاء القانون المذكوراشتعال نقاشا نارية في مواقع التواصل الإجتماعي وسط المغاربة, بين داعم ومتحفظ على ذلك. حيث شددت فتاة أن دور القوانين هو حماية المواطنين وليس إرسالهم إلى الجنة .
المعارضون : نحن نعيش في دولة إسلامية
كما هو معروف لدى الجميع, فالقانون المغربي يعاقب بالسجن على إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، من شهر إلى سنة، والمثلية الجنسية من 6 أشهر إلى 3 سنوات، والخيانة الزوجية من عام إلى عامين، والإجهاض من عام إلى عامين .
هذه العقوبات المذ كورة يراها عدد من المغاربة غ ير كافية بالنسبة لكل شخص يمارس الجنس في علاقة شرعية، وذلك قصد ضبط القيم داخل المجتمع، وعدم التسبب في فوضى الأنساب، والحفاظ على تعاليم الدين الإسلامي .
أما المعارضون لإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي يعتقدون إنَّ إلغاء هذا الفصل هو تشريع للفاحشة و انتهاك للحرمات . فالمغرب دولة إسلامية، وقائدها هو أمير المؤمنين، لن يحرِّم ما حلّله الله ولن يحلل ما حرَّمه الله .
وسبق أن صرح وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والقيادي بحزب العدالة والتنمية، السيد مصطفى الرميد، بأن كل من يريد أن يقوم المغرب على خلاف جلّ الدول الإسلامية، بإباحة العلاقات الرضائية والشذوذ والإجهاض وعلى رأسه أمير المؤمنين, ليس سوى أحمقاً .
وأضاف الرميد قائلاً، أن هذا البلد بلد إسلامي بمقتضى الدستور وعلى رأسه أمير المؤمنين الذي سبق أن قال: (أنا أمير المؤمنين، لا يمكن أن أحلل حراماً أو أُحرِّم حلالاً) .
مقابل ذلك ترى فئة أخرى ضرورة تعديل مضامين الفصل, وإلغاؤه بالكامل يُعد شرعنة مباشرة للزنا، رغم وجود بعض البلدان العربية التي تحرم فقط زنا المتزوجين، كالجزائر وتونس ومصر والعراق وسوريا ولبنان .