أرطغرل الغازي / أول من وضع أساس تاريخ الإمبراطورية العثمانية

الأغلبية منا شاهد المسلسل التركي "قيامة أرطغرل" و من لم يشاهده قد يكون سمع عنه .

المسلسل الذي صور شخصية أسطورية تاريخية عند الأتراك, و هي شخصية بصفة القائد التركي الشجاع .

العديد من الناس تعاطفوا مع هذه الشخصية, في حين البعض الآخر رأوا أنه تم تمجيد البطل بصورة مبالغ فيها لتظهر قيمة القادة العثمانيين .

 

أما بالنسبة لنا نحن, فسنعرف الحقيقة الكاملة كما رويت من طرف المؤرخين تقريبا .

 

  

من هو أرطغرل  ?

 

أرطغرل الغازي الذي وضع أول لبنة في تاريخ الإمبراطورية العثمانية, أحد أكبر الإمبراطوريات الإسلامية في التاريخ الإسلامي, و يقال في عدة روايات أنه عاش ما بين 1189 و 1281 , يعني تقريبا 92 سنة, و يرجح أنه ولد في مدينة "أخلاط" التي كانت بالقرب من بحيرة "وان", و في رواية أخرى في قرية "سوغوت", هذه القرية التي يوجد بها قبره حاليا .

تربى أرطغرل وسط عائلة عاشت حياة الترحال من مكان لمكان, أما والده و كما هو مرجح من طرف بعض الباحثين هو "سليمان شاه" و أمه هي "هايماه آنا" .

عاش أرطغرل رفقة ثلاثة من إخوته, حيث كان هو الأقرب من والده و كان منذ صغره ذو شخصية فريدة تجمع بين الحكمة و القيادة و القوة .

و كما ذكر في كتاب "الدولة العثمانية المجهولة" أن زوجته هي "حليمة خاتن" و له معها ثلاثة أولاد هم : ( عثمان الغازي , صافجي , غوندوز ) . 

 
و تعني كلمة أرطغرل عند الأتراك, و هي كلمة مركبة : (أر) و معناها الرجل , ثم (طغرل) و معناها طائر العقاب المعروف بالشراسة, و بالتالي اسم على مسمى .

مع الأسف المصادر حول السيرة الشخصية لأرطغرل قليلة, بحيث لا يوجد مصدر موثوق يحكي عن طفولته و حياته كيف كانت , لكن في المقابل هناك لقطات عن بعض الأحداث الرئيسية و البارزة .

 

 

 

متى ظهرت شخصيته القيادية ?

ظهرت شخصية أرطغرل في القرن 13 , بعد نزوح الكثير من القبائل من آسيا الشرقية إلى غرب الأناضول هربا من "المغول" المتوحشين, و من بين هذ ه القبائل كانت قبيلة "الكايي" التي كانت تحت قيادة سليمان شاه, و حسب رواية من كتاب "تاريخ الدولة العلية العثمانية" فإن أسطورة أرطغرل ستبدأ بعد أن صادف حربا بين جيش "السلاجقة" ضد جيش آخر يرجح أنه للمغول أو الصليبيين (ليست هناك معلومة توثق جنس ذلك الجيش) إلا أنه تدخل رفقة بعض المقاتلين فقلب ميزان المعركة لصالح السلاجقة, فبعد ما كانوا على وشك الخسارة . أصبحوا الفئة الطاغية في أرض المعركة, و انتهى الأمر بفوز السلاجقة و إنقاذ الأمير علاء الدين .

و صار أرطغرل مباركا من طرفهم, حيث أصبح يقوم بفتوحات باسمهم و يمارس السياسة التوسعية باسم سلطان السلاجقة, كما كان يساعد الدولة السلجوقية بي بعض الحروب بالرغم من كون قبيلة الكايي مستقلة نوعا ما .

و في الوقت الذي كان الأمير علاء الدين يواجه المغول في الشرق ساعده أرطغرل في فرض الحصار على قلعة "كولوجاهيسار" وأخذها ثم إهدائها للسلاجقة . 

هذا ما جعل السلاطين السلاجقة يثقون فيه أكثر لدرجة إعطائه أراضي تحت قيادته و امتيازات أخرى .

و من هنا أصبحت قبيلة الكايي تحكم مناطق "إسكشار" و "دومانيتش" و "سوغوت" هذ ه المناطق الثلاث هي أساس الإمبراطورية العثمانية في عهد ابنه "عثمان الغازي" . 

 

 

 

رد الإعتبار لأسطورة أرطغرل  

العديد من المؤرخين يرون أن مجد الإمبراطورية العثمانية بدأ من عهد أرطغرل الغازي قبل أن يصل إلى عثمان, لأن المبادئ التي بنيت عليها الإمبراطورية العثمانية جاءت من قيم الكايي, و جانب كبير من شخصية عثمان الغازي جاء عن طريق تربية الأب أرطغرل, بحيث أخد منه الحكمة و القيادة التي مكنته من التربع على عرش أحد أكبر الإمبراطوريات في التاريخ .

و بعد عمر امتد إلى أكثر من 90 سنة مات أرطغرل و دفن في مدينة سوغوت, القبر الذي لا يزال إلى اليوم رمزا لأحد الشخصيات التاريخية التي ساهمت بتغيير خريطة العالم لقرون .

التاريخ لم ينصف شخصية أرطغرل, لأن عدد كبير أحداث حياته لم توثق, و ما جاء في المسلسل ليس سوى اجتهادات و ليست جميع أحداش حقيقية, لكنها مزج بين أحداث واقعية و أخرى من مخيلة كاتب السيناريو .

لكن التاريخ اعترف بأنه كان أبرز الشخصيات التي تركت الإرث الذي بنيت عليه الإمبراطورية العثمانية التي جاءت بعده .
في النهاية أرطغرل مات و لم يعرف عنه الكثير, لكن التأثير الذي قام به استمر لسنوات, و بقيت مسجلة إلى الآن .