كلنا نحلم, سواء و نحن مستيقظين أو نائمين, نحكي أحلامنا لبعضنا, و نحاول أيجاد تفاسير .
بعض المرات نتذكرها, و في أغلب الأحيان ننساها, بعض المرات تفرحنا و بعض المرات تقلقنا .
تعتبر الأحلام شيئا غامضا في الغالب, إنها أشياء تبهر الإنسان, و تفاسيرها لا تزال محيرة للشعوب من قديم الزمان إلى يومنا هذا, كل واحد و تحليله و تفسيره, فرجال الدين من جهة و العلم من جهة, و المجهودات الشخصية من جهة أخرى . لهذا نجد أنفسنا لا نفهمها كثيرا .
هل هذه الأحلام لها معاني و تفاسير ?
أم هي إنذار من عند الله ?
أم هي أشياء ليس لها علاقة بكل هذا ?
ما هو الحلم ? و كيف ينتج ?
و لماذا هي موجودة أصلا ? و ما المعنى منها ?
سننتقل
وسط العديد من النظريات سواء دينية أو علمية, و سنتطرق إلى أكثر وجهات
النظر السائدة في العالم لنستطيع تكوين الفكرة الخاصة بنا عن اقتناع و
بالخصوص عن معرفة .
غالبا ننام في الليل و تستيقظ في النهار .
بالنهار
النقاط المسؤولة عن الإستيقاظ تنتج إشارات تجعل كثيرا من المناطق في
الدماغ تبقى مستيقظة, في حين النقاط المتحكمة في النوم تبقى متوقفة .
و
في الليل عند النوم يقول العلماء أن وراء أعيننا هناك مستقبل حساس بتقلبات
الليل مع النهار , و بفضل هذا المستقبل ينتج الدماغ عند الليل مادة تسمى Melatonin
, و هي هرمون يفتح الطريق للمراكز المتوقفة المسؤولة عن النوم في الدماغ,
هذه المراكز ستصبح نشطة و بدورها ستنتج إشارات لإيقاف مراكز الإستيقاظ في
الدماغ .
كلنا نبدأ نومنا بمرحلة تسمى النوم الطويل التي تدوم حوالي 90 دقيقة, و في هذه المرحلة ترسل مراكز النوم في الدماغ إشارات لتجعل المراكز الأخرى في حالة راحة, و يتم معالجة الجسد من العناء و التعب الذي مررنا به طيلة اليوم, أما بالنسبة للأطفال ففي هذه المرحلة يبدأ جسمهم بالكبر و النمو .
بعد
مرحلة النوم الطويل تأتي مرحلة النوم المتناقض و التي تدوم 30 دقيقة
كبداية, و أثناء هذه المرحلة ينتج الدماغ رسالات كيميائية التي تقطع علاقة
الدماغ مع عضلات الجسد . و هنا يبدأ الحلم .
ما هي الأحلام ?
الأحلام
هي بعض التخيلات التي تكون عبارة عن صور و مواقف و أحداث ينتجها الدماغ
عندما يكون في لحظة نشاط , و تكون في مرحلة النوم المتناقض, و تبقى هذ ه
السلسلة بين النوم الطويل و النوم المتناقض تتكرر حتى تأتي مرحلة الإستيقاظ
.
ما هي أنواع الأحلام ?
من أنواع الأحلام هناك:
- "أحلام اليقظة" عندما نكون في كامل وعينا, و نسمح لمخيلتنا أن تذهب بنا بعيدا .
- و "أحلام الصحوة الكذابة أو الإستيقاظ الكاذب" عندما تستيقظ و تغسل أسنانك ثم تصلي و تلبس ملابسك و تتجه إلى العمل, حتى تستيقظ فجأة و تلاحظ أنك كنت تحلم فقط .
- و هناك كذ لك "شلل النوم" و هي حالة يكون فيها الشخص واعيا و لكن لا يستطيع الكلام أو الحركة, و تدوم بضع دقائق, كما تكون أحيانا مصحوبة بهلوسات و غالبا ما تؤدي بصاحبها للخوف و الإرتباك, و توصل العلماء إلى أن هذه الظاهرة تأتي عندما يكون الدماغ و الجسم لا يسيران ري تزامن مع بعضهما .
- و هناك كذلك "الكوابيس" و هي الأحلام المزعجة التي تجعلنا تستيقظ و نحن في خوف و عله .
- إضافة إلى "الأحلام المتكررة" يكون اختلاف بسيط بينها, و لكن يبقى نفس الحلم الذي يعاد مرارا و تكرارا لمدة طويلة .
- و نجد كذلك "الأحلام الملحمية" التي تكون طويلة و مقنعة, و تبقى تفاضيلها في الذاكرة لسنين .
- و أخيرا هناك "الأحلام التقدمية" و تكون سلسلة من الأحلام مستمرة على طول الليل, بحيث تكون قادرا على إتمامها في النوم الموالي .
تفاسير الأحلام
هي
علم اهتم به العديد من رجال الدين و العلماء مثل محمد بن سيرين الذي كان
في وقت خلافة عثمان بن عفان, و كان يعتمد في منهجه على القرآن و الأحاديث .
و
من تفاسيره أن من حلم رأى الله عز و جل في منامه يسدخل الجنة, كما يقول
أيضا أن الأسنان هي رمز للعمر, و من رأى في حلمه أنه يزيل سنا أو ضرسا أو
نابا فهذا يعني أن شخصا من الأقرباء سوف يموت, و أن الفك السفلي خاص
بالنساء و الفك العلوي خاص بالرجال, و أضاف أن و من رأى في حلمه يبكي
معناها أنه سيفرح و العكس صحيح .
و هناك ابن العربي الشيخ الصوفي الذي ولد في الأندلس و ابن خلدون, كانا يعملان على تفسير و تحليل و تقسيم لأنواع من الأحلام و مصادرها .
بينما
علماء الغرب اهتموا بهذا العلم مؤخرا, عندما أعطى سيكموند فرويد تفسيرا
على أن الأحلام هي طريقة تلجأ لها النفس من أجل إشباع رغبات مكبوتة و
مقموعة بداخلنا, خاصة تلك الرغبات التي يصعب تحقيقها في الواقع .
أما
ألفريد أديلير مخترع مجال علم النفس الفردي, الذي يقول أن الأحلام تكشف
أخلاقنا, و من رأى في حلمه يقوم بعمل عدواني, فهذا يبين عن عدوانية في
داخلنا و بالتالي يكون من الأحسن مواجهة هذه الحقيقة و أصلاحها, كما يقول
كذلك أن الأحلام تكشف تخوفاتنا و الأشياء التي تمنع تحسن وضعيتنا النفسية .
و يقول رجال الدين الإسلامي أن الأحلام مقسمة إلى نوعان :
الرؤيا الصالحة التي تأتي من عند الله .
و الحلم الذي يأتي من الشيطان .
كما أن في الإسلام تعتبر الأحلام ظاهرة لها علاقة مباشرة بالغيب, بحيث أنه خلال النوم نكون في حالة شبيهة بالموت .
و
في بعض الشعوب القديمة مثل "الإغريق" كانوا يظنون أن الروح تخبر صاحبها
بالأسرار العميقة التي بداخله بلاسطة الأحلام, و أن الأحلام هبة سماوية
تكشف و توضح للبشر بعض المعلومات .
و
في مصر القديمة تم إيجاد مخططات و رسومات خاصة بالأحلام, و التي تشمل
تفاسير حوالي 100 حلم, و من بعض التفاسير التي أعطوا هي أن من رأى نفسه
يأكل لحم التمساح فهو تنبأ جيد معناه أنك ستصبح ذو أهمية و قيمة كبيرة في
منطقتك, و هناك من يرى أنها رسالات سماوية تجعلهم يتنبأون بالغيب في حالة
تفسيرها بالطريقة الصحيحة, بحيث أن يوسف عليه السلام الذي فسر حلم فرعون و
استطاع التنبأ بالمجاعة المنتظرة, و التي ستدوم مدة 7 سنوات .
أما فرويد الذ ي أخرج كتاب تفسير الأحلام, و هو أكثر كتاب له تأثير عن العلم في وقتنا الحالي, و يقول أن الأحلام ليس لها علاقة بالسماء, و لا أحد يتحكم في أحلامنا, بحيث أنها تعبير عن رغبات و شهوات مكبوتة .
و بهذا نكون قد فهمنا العديد من النظريات في الشعوب القديمة و الحديثة في طروقة تفسيير الأحلام بشتى أنواعها .